الموضوع: اشهر قصص الحب
عرض مشاركة واحدة
قديم 29-05-08, 02:03 PM   #6
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: اشهر قصص الحب


[align=center]
أبو نواس وجنان

أبو نواس، الشاعر المعروف الذى عاصر الخليفة المهدي ثم الرشيد ثم الأمين، مات قبل أن يدخل الخليفة المأمون بغداد.
قرأنا عنه وله كثيرا من الشعر ، ولكن آخر ما يتوقعه المرء أن يتأكد حب أبى نواس لجارية من بنات عصره، كانت تدعى جنان .
قال أغلب الذين كتبوا عن أبي نواس إن حبه لجنان كان صادقا، وكان حقيقة لم ينكرها أبو نواس ولا أنكرها أحد ممن عاصروه سوى قلة منهم شكوا في جديته .
فما هي حكاية أبي نواس وجنان والحب من أول نظرة .
كان أبو نواس شاعرا فذا أجمع شعراء عصره على تميزه حتى أن الشاعر أبا العتاهية وسط أحد أصدقائه يطلب منه ألا يقول الشعر في الزهد حتى لا يتفوق عليه .
وقد اشتهر أبو نواس بالمجون والزندقة، ولم يكن يخفي ذلك أو ينكره بل كان يجاهر بشذوذه، ويحكي عن مغامراته.
ويقول أبو الفرج الأصفهاني أن أهل أبي نواس حاولوا أن يزوجوه حتى ينصلح حاله فأبى عليهم ولكنهم ظلوا يلحون حتى أذعن أخيرا فزوجوه جارية جميلة من أهل بيته، لكنه أعرض عنها، وطلقها.
وعلى الرغم من ذلك ذكرت الأخبار أنه كان يعجب ببعض الجواري وأنه عشق جارية وطلبها من صديقه ذات مرة، وأصر على أن يهديها له، وأخيرًا حدث للحسن بن هانئ، ما لم يكن يتوقعه هو ولا أصدقاؤه .
لقد وقع في الحب، الحب من أول نظرة كما يحدث لشاب غرير في بداية الصبا وليس لديه أية تجارب في الحياة .
ويقول لنا صاحب الأغانى : إن أبا نواس لم يصدق في حب امرأة غيرها .
وكان أول كلفه بها أنها مرت، وهو جالس مع فتيان من أهلها يتنزهون وينشدهم، فأبرزت عن وجه بارع الجمال، فجعل ينظر إليها، وأنشأ يقول :
إني صرفت الهوى إلى قمر ** لم تبتذله العيون بالنظر
إذا تأملته تعاظمك إلا ** قرار في أنه من البشر
ثم يعود الإنكار معرفة ** منك إذا قسته إلى الصور
وشغف بها حبا وهام بها، وقال فيها أشعار كثيرة وشكا وجده بحبها وهو لا يعرفها، وسأل عنها فلم يقع على خبر منها بعد اليوم الذي رآها فيه. :
وتناقل أهل البصرة شكايته من حبها وشعره فيها، وأكثروا ذكره في كل محفل وجمع .
فمن هي تلك المرأة التي فعلت ذلك بأبي نواس شاعر الخمرة.
تلك كنت جنان جارية آل عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي المحدث ويصفها أبو الفرج قائلا : " كانت جنان حلوة، جميلة المنظر، بديعة الحسن، أديبة عاقلة ظريفة، تعرف الأخبار وتروي الأشعار، وكانت مقدودة حسنة القوام " .
تلك إذن صفات المرأة التي لابد وأن تخلب لب الرجل مهما كان فاسقا أو منحرفا.
ويستوقفنا وصف الأصفهاني لجنان بأنها كانت أديبة تعرف الأخبار وتروي الأشعار ، أي أنها لم تكن مجرد وجه مليح وقوام معتدل، بل كانت ذات ثقافة وموهبة.
ولم تكن امرأة مثل أغلب جواري ذلك الزمان، بل كانت تفضل صحبة النساء على الرجال، وكانت حريصة على أداء فرائض دينها .
وقد بلغ أبا نواس يوما أن معشوقته جنان قد عزمت على الحج.
فقال : أما والله ما يفوتني الحج والمسير معها عامي هذا، إن أقامت على عزيمتها، فظُن مازحا، ولكنه لم يكن يمزح بدليل أنه سبقها إلى الخروج .ههههههههه
سبحان الله مغير الأحوال.
جنان إذن كانت قادرة على أن تُقوِّم اعوجاج الشاعر الكبير، وأن تعيده إلى الصراط المستقيم فقد ذهب فعلا إلى الحج، وأحرم، ويقول الذين شاهدوه بالحج، أنه جعل ينشد الشعر، ويطرب في صوته بالليل حتى فتن به كل من سمعه.
يقول :
إلهنا ما أعدلك ** مليك كل من ملك
لبيك قد لبيت لك ** لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك ** ما خاب عبد ساءلك
أنت له حيث سلك ** لولاك يا رب هلك
ولكن الناس لم تصدق أن أبا نواس يمكن أن يتوب عن آثامه الكثيرة بسبب حبه لامرأة.
أما جنان نفسها فلم تكترث بحب أبي نواس لها وافتتانه بها، ولم تتحرك في قلبها أية عاطفة تجاهه، على الرغم من كل تلك الأشعار التي كان أبو نواس يعبر فيها عن حبه العميق لها، وكانت جنان تسخر من أبي نواس، حتى أنها خرجت ذات يوم هي وصاحبة لها حتى التقيا بأبي نواس، فلما رآها كاد أن يذهب عقله وتحير وراح يدبر ويقبل، أي أنه تصرف كتلميذ مراهق التقى مصادفة بمن يحب، وراحت صاحبة جنان تمازحه وتقول له : اجعلنى رسولاً إليها، فلعل الله أن يمن علي وعليك ، فلما بلغ ذلك جنان غضبت من صاحبتها ، وقالت لها : مثل هذا الكلب تطمعينه في !
وكان أبو نواس يعلم أن جنان تحتقره وتسبه فقد تقرب من الثقفيين الذين كانت تنتمي إليهم وأصبح يزورها ويتحين الفرص ليبعث إليها بالرسائل التي تفيض حبا ووجدا، فكانت تسبه أمام من يرسلهم إليها، وتقول إنه كذاب.
يقول :
وما صدقت ولا رد عليها ** ولكن الملول هو النكوث
ولي قلب يناز عنى إليها ** وشوق بين أضلاعى حثيث
رأت كلفي بها ودوام عهدي ** فملتني كذا كان الحديث
شكته جنان يوما إلى مولاها، وشتمته فذكر له ذلك .
فقال : من سبني من ثقيف فإنني لن أسبه.
فكان ذلك مما عطفها ورقق قلبها، وكان أول الأسباب إلى وصلها .
ويبدو أن أبا نواس كان يتخيل كل ذلك وأن جنانا قد رضيت عنه وقبلت أن تلتقي به، وأن قلبها لان له وأصبحت تحبه، ويتخيل أنه كان يغضب منها ويهجرها ويقول أنها أرسلت إليه رسولا لتصالحه، فرده ولم يصالحها، ثم رآها في النوم تطلب صلحه، ويقول عن ذلك :
دست له طيفها كيما تصالحه ** في النوم حين تأبى الصلح يقظانا
فلم يجد عند طيفي طيفها فرجا ** ولا رثى لتشكيه ولا لانا
حسبت أن خيالي لا يكون كما ** أكون من أجله غضبانا
فكيف يستقيم هذا الادعاء مع ما ذكره هو عدة مرات من أنها كانت تشتمه كلما تحدث أحد عنه، وكانت تلقبه بالكلب والكذاب والكثير من الألقاب السيئة، وتشكوه لمولاها وهو نفسه يقول ذلك.
فما كلامه السابق إلا حلما من احلام اليقظة
يقول أبو نواس :
وبأبي من إذا ذكرت له ** وطول وجدي به تنقصني
لو سألوه عن وجه حجته ** في سبه لي لقال يعشقني
نعم إلى الحشر والتناد نعم ** أعشقه أو ألف في كفني
لا أنثني ويك عن محبته ** ما دام روحي مصاحبا بدني
أصيح جهرا لا أستسر به ** عنفني فيه من يعنفنى
يا معشر الناس فاسمعوه وعوا ** أن جنانا صديقة الحسن
وكانت نتيجة هذا الكلام أن أهل جنان حجبوا جاريتهم عن أبي نواس، وأرسلوها إلى دار لهم في بلدة أخرى تدعى حكمان لكي ينساها، فكان يقصد الجبل بالبصرة فيسأل كل من أقبل من تلك الناحية وينشد :
اسـأل القادمين من حكمان ** كيف خلفتما أبا عثمان
وأبا مية المهذب والما ** مول والمرتجى لريب الزمان
فيقولان لي جنان كما سر ** ك في حالها فسل عن جنان
مالهم لا يبارك الله فيهم ** كيف لم يغن عندهم كتمانى
صرت كالسئن يشرب الماء فيما ** قال كسرى بعلة الريحان
أو كما قيل قبل إياك أعني ** واسمعوا يا معاشر الجيران
فهو يتظاهر بالسؤال عن رجال آل ثقيف ولكن الكل يعلم أنه لا يعنيه إلا جنان، وقد بلغ ذلك الخبر مولاة جنان فبعثت إليه وقال له : إن أردت وهبتها لك .
ولكن جنان مانعت في الزواج منه، واشترطت عليه ألا يعود إلى شذوذه، ولم يستطع هو أن يعدها بذلك .

وكانت نهايتهما التي لا نعلم منها إلا هذه[/align]


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس