عرض مشاركة واحدة
قديم 05-10-07, 09:25 PM   #2

أبو الطيب
عضوية متميزة

رقم العضوية : 179
تاريخ التسجيل : Jul 2002
عدد المشاركات : 346
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ أبو الطيب
رد: كلاب الحرب في العراق: انحطاط وسقوط


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ولكن ادراك هذا المفهوم للحياة يتطلب حكمة وتواضعا وتسامحا. وهذه ميزات لا يتصف بها المجتمع الراسمالي المعاصر حيث تتجه العناية الي صناعة افراد، ليسوا في الواقع سوي اجزاء متشابهة فيما بينها، بالامكان دمجها لتصير كلا شموليا، وظيفته بسط الهيمنة وارساء السلطة. وبكلام اوضح، لا فرق بين الجزء وبين الكُلِ الا من حيث الكمية فقط. وبناء عليه يجوز القول استطرادا ان الفرد الامريكي في شركات الامن العاملة الي جانب قوات الغزو في العراق، يحمل في ثناياه ذهنية واخلاقية، الادارة الامريكية التي ضمته وجعلته جزءًا من اجزاء جهازها الاستعماري.
والمعروف ان هذه الادارة، التي غزت العراق بجيش قوامه 168 الفا من الجنود، تعاقدت بالاضافة اليهم، مع عدد من الجيوش الخاصة التي لها، مثلها مثل المؤسسات التجارية والخدماتية وجود شرعي في الولايات المتحدة. ومنها الجيش الذي ذاعت شهرته، بعد ان اقدم عناصره في 16 ايلول (سبتمبر) 2007 علي اقتراف جريمة في ساحة من ساحات بغداد راح ضحيتها 28 عراقيا مدنيا. والظاهر، وباعتراف العراقيين المتعاملين مع المحتل انفسِهم، ان هذه الجريمة ليست الاولي من نوعها، وليست ايضا الاكثر فظاعة.

والجدير بالذكر هنا، الدور الذي قامت به هذه الجيوش الخاصة، في الحملات المتتابعة من اجل اكتساح الفلوجة وغيرها، وكذلك ضلوع عناصرها في تنفيذ عمليات سرية، ومداهمات ليلية. هذا من ناحية ومن ناحية ثانية تشرف هذه الجيوش ايضا علي السجون. وتتولي طواقم منها استجواب وتعذيب الاسري والمعتقلين، بدليل ان صور افراد من هذه الطواقم بدت في مشاهد التعذيب التي كشفت عما يجري في ابو غريب.

ولكن اكثر ما يهمُُّ في هذه المسألة، هو الحصانة الكاملة التي مُنحت لكلاب الحرب الامريكيين، العاملين في العراق. (يبلغ تعداد افراد الجيوش الخاصة التي تقاتل الي جانب قوات الغزو الرسمية 137 الفا وهم من جنسيات مختلفة، ومن بينهم 21 الفا من الامريكيين، وهؤلاء ُيعرفون في اوساط التحالف القائم في الولايات المتحدة بين العسكريين وبين رجال الاعمال، بكلاب الحرب ). فبموجب مرسوم اصدره الحاكم الامريكي في حزيران (يونيو) 2004، وكما نصت الفقرة 17 منه، يتمتع جميع مستخدمي الادارة الامريكية بالحصانة امام القوانين والمحاكم العراقية. وهذا يعني بوضوح ان الامريكيين، من جنود ومرتزقة، لا يتحملون مسؤولية ما يرتكبونه في العراق من اخطاء ومن جرائم، فهم اذن غير مسؤولين، يفعلون ما يشاؤون. ينجم عنه، ان الامريكيين يضعون انفسهم في منزلة اعلي من منزلة العراقيين. وما يدفع الي ذلك الا ّ القناعة ُ بعدم المساواة بين البشر، وبتفاوت درجات انتماء الشعوب والاقوام الي الانسانية.

والاخطر من هذا كله هو ما ادلي به الحاكم الامريكي المدني في العراق (السفير) عقب وقوع جريمة ساحة النسور في بغداد، من ان كلاب الحرب تعرضوا لاطلاق نار قبل ان يردوا . مما يوحي حسب هذا الرجل، بانهم كانوا في حالة الدفاع عن النفس وبالتالي فان ما فعلوه مبرر. وهذا منطوق ُيجوِّز عمليا قتل المدنيين، ردا علي هجمات المقاومين، ويعتبرهم رهينة عُرضة للانتقام وغرضا للابتزاز. او بكلام آخر، يوازي هذا السفير بين الاحتياطات التي يتخذها المرتزقة حفاظا علي سلامة شخصه، وبين حق العراقيين في العيش، فيُغلـّب بالطبع الاولي ايا كان الثمن. ولكن هل للعراقيين في عرفه، حق في الدفاع عن انفسهم وفي صون كرامتهم؟ الجواب هو بالنفي، بمعني ان ذلك في نظره ارهاب، فهناك من لهم كل الحقوق اينما تواجدوا، وهناك من ليس لهم حقوق حتي في مضاجعهم.

كثر الحديث في عام 1991 تاريخ انطلاقة سيرورة تهديم العراق وتشتيت شعبه، عن الحرب النظيفة وعن الاسلحة الذكية. ولكن القصد من الضجيج الاعلامي الذي ملأ الدنيا آنذاك، كان في الواقع اخفاء العراق تحت طبقة كثيفة من الضباب، حتي يتسني تدمير محطات الكهرباء، ومصانع تكرير المياه، والجسور وغيرها من المرافق الحيوية. اذ يجب الاّ يغيب عن البال ان معدّلات وفيّات الاطفال، كانت في العراق قبل 1991، مماثلة لما كانت عليه في البلاد المتقدمة.

يتبع


توقيع : أبو الطيب
مشـــــيناها خطـــــــــى كتبــــت عليـــــــــــــنا

أبو الطيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس