عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-07, 09:26 PM   #112
 
الصورة الرمزية فرح..

فرح..
مشرفة

رقم العضوية : 5759
تاريخ التسجيل : Nov 2006
عدد المشاركات : 8,222
عدد النقاط : 97

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ فرح..
رد: تفسير القران الكريم


الله يسلمك منوره






لَمَّا ذَكَرَ الَّذِينَ قَصُرَتْ هِمَّتهمْ عَلَى الدُّنْيَا - فِي قَوْله : " فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُول رَبّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا " [ الْبَقَرَة : 200 ] - وَالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ سَأَلُوا خَيْر الدَّارَيْنِ ذَكَرَ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ أَظْهَرُوا الْإِيمَان وَأَسَرُّوا الْكُفْر . قَالَ السُّدِّيّ وَغَيْره مِنْ الْمُفَسِّرِينَ : نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَس بْن شَرِيق , وَاسْمه أُبَيّ , وَالْأَخْنَس لَقَبٌ لُقِّبَ بِهِ ; لِأَنَّهُ خَنَسَ يَوْم بَدْر بِثَلَاثِمِائَةِ رَجُل مِنْ حُلَفَائِهِ مِنْ بَنِي زُهْرَة عَنْ قِتَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى مَا يَأْتِي فِي " آل عِمْرَان " بَيَانه . وَكَانَ رَجُلًا حُلْو الْقَوْل وَالْمَنْظَر , فَجَاءَ بَعْد ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَظْهَرَ الْإِسْلَام وَقَالَ : اللَّه يَعْلَم أَنَّى صَادِق , ثُمَّ هَرَبَ بَعْد ذَلِكَ , فَمَرَّ بِزَرْعٍ لِقَوْمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَبِحُمُرٍ فَأَحْرَقَ الزَّرْع وَعَقَرَ الْحُمُر . قَالَ الْمَهْدَوِيّ : وَفِيهِ نَزَلَتْ " وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ . هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ " [ ن : 10 - 11 ] و " وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " [ الْهُمَزَة : 1 ] . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : مَا ثَبَتَ قَطُّ أَنَّ الْأَخْنَس أَسْلَمَ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : ( نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ الْمُنَافِقِينَ تَكَلَّمُوا فِي الَّذِينَ قُتِلُوا فِي غَزْوَة الرَّجِيع : عَاصِم بْن ثَابِت , وَخُبَيْب , وَغَيْرهمْ , وَقَالُوا : وَيْح هَؤُلَاءِ الْقَوْم , لَا هُمْ قَعَدُوا فِي بُيُوتهمْ , وَلَا هُمْ أَدَّوْا رِسَالَة صَاحِبهمْ ) , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي صِفَات الْمُنَافِقِينَ , ثُمَّ ذَكَرَ الْمُسْتَشْهِدِينَ فِي غَزْوَة الرَّجِيع فِي قَوْله : " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ " [ الْبَقَرَة : 207 ] . وَقَالَ قَتَادَة وَمُجَاهِد وَجَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء : نَزَلَتْ فِي كُلّ مُبْطِن كُفْرًا أَوْ نِفَاقًا أَوْ كَذِبًا أَوْ إِضْرَارًا , وَهُوَ يُظْهِر بِلِسَانِهِ خِلَاف ذَلِكَ , فَهِيَ عَامَّة , وَهِيَ تُشْبِه مَا وَرَدَ فِي التِّرْمِذِيّ أَنَّ فِي بَعْض كُتُب اللَّه تَعَالَى : إِنَّ مِنْ عِبَاد اللَّه قَوْمًا أَلْسِنَتهمْ أَحْلَى مِنْ الْعَسَل وَقُلُوبهمْ أَمَرّ مِنْ الصَّبِر , يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُود الضَّأْن مِنْ اللِّين , يَشْتَرُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ , يَقُول اللَّه تَعَالَى : أَبِي يَغْتَرُّونَ , وَعَلَيَّ يَجْتَرِئُونَ , فَبِي حَلَفْت لِأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَة تَدَع الْحَلِيم مِنْهُمْ حَيْرَانًا . وَمَعْنَى " وَيُشْهِدُ اللَّهَ " أَيْ يَقُول : اللَّه يَعْلَم أَنِّي أَقُول حَقًّا . وَقَرَأَ اِبْن مُحَيْصِن " وَيَشْهَدُ اللَّهُ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ " بِفَتْحِ الْيَاء وَالْهَاء فِي " يَشْهَد " " اللَّه " بِالرَّفْعِ , وَالْمَعْنَى يُعْجِبك قَوْله , وَاَللَّه يَعْلَم مِنْهُ خِلَاف مَا قَالَ . دَلِيل قَوْله : " وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ " [ الْمُنَافِقُونَ : 1 ] . وَقِرَاءَة اِبْن عَبَّاس : " وَاَللَّهُ يَشْهَدُ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ " . وَقِرَاءَة الْجَمَاعَة أَبْلَغ فِي الذَّمّ ; لِأَنَّهُ قَوِيَ عَلَى نَفْسه اِلْتِزَام الْكَلَام الْحَسَن , ثُمَّ ظَهَرَ مِنْ بَاطِنه خِلَافه . وَقَرَأَ أُبَيّ وَابْن مَسْعُود : " وَيَسْتَشْهِد اللَّه عَلَى مَا فِي قَلْبه " وَهِيَ حُجَّة لِقِرَاءَةِ الْجَمَاعَة .

قَالَ عُلَمَاؤُنَا : وَفِي هَذِهِ الْآيَة دَلِيل وَتَنْبِيه عَلَى الِاحْتِيَاط فِيمَا يَتَعَلَّق بِأُمُورِ الدِّين وَالدُّنْيَا , وَاسْتِبْرَاء أَحْوَال الشُّهُود وَالْقُضَاة , وَأَنَّ الْحَاكِم لَا يَعْمَل عَلَى ظَاهِر أَحْوَال النَّاس وَمَا يَبْدُو مِنْ إِيمَانهمْ وَصَلَاحهمْ حَتَّى يَبْحَث عَنْ بَاطِنهمْ ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى بَيَّنَ أَحْوَال النَّاس , وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُظْهِر قَوْلًا جَمِيلًا وَهُوَ يَنْوِي قَبِيحًا . فَإِنْ قِيلَ : هَذَا يُعَارِضهُ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام : ( أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ) الْحَدِيث , وَقَوْله : ( فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْو مَا أَسْمَع ) فَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا كَانَ فِي صَدْر الْإِسْلَام , حَيْثُ كَانَ إِسْلَامهمْ سَلَامَتهمْ , وَأَمَّا وَقَدْ عَمَّ الْفَسَاد فَلَا , قَالَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ .

قُلْت : وَالصَّحِيح أَنَّ الظَّاهِر يُعْمَل عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّن خِلَافه , لِقَوْلِ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ : أَيّهَا النَّاس , إِنَّ الْوَحْي قَدْ اِنْقَطَعَ , وَإِنَّمَا نَأْخُذكُمْ الْآن بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالكُمْ , فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمَّنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ , وَلَيْسَ لَنَا مِنْ سَرِيرَته شَيْء , اللَّه يُحَاسِبهُ فِي سَرِيرَته , وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نُؤَمِّنهُ وَلَمْ نُصَدِّقهُ , وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَته حَسَنَة .

وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ

الْأَلَدّ : الشَّدِيد الْخُصُومَة , وَهُوَ رَجُل أَلَدّ , وَامْرَأَة لَدَّاء , وَهُمْ أَهْل لَدَد . وَقَدْ لَدِدْت - بِكَسْرِ الدَّال - تَلَدّ - بِالْفَتْحِ - لَدَدًا , أَيْ صِرْت أَلَدّ . وَلَدَدْته - بِفَتْحِ الدَّال - أَلُدّهُ - بِضَمِّهَا - إِذَا جَادَلْته فَغَلَبْته . وَالْأَلَدّ مُشْتَقّ مِنْ اللَّدِيدَيْنِ , وَهُمَا صَفْحَتَا الْعُنُق , أَيْ فِي أَيّ جَانِب أَخَذَ مِنْ الْخُصُومَة غَلَبَ . قَالَ الشَّاعِر : وَأَلَدّ ذِي حَنَق عَلَيَّ كَأَنَّمَا تَغْلِي عَدَاوَة صَدْره فِي مِرْجَل وَقَالَ آخَر : إِنَّ تَحْت التُّرَاب عَزْمًا وَحَزْمًا وَخَصِيمًا أَلَدّ ذَا مِغْلَاق و " الْخِصَام " فِي الْآيَة مَصْدَر خَاصَمَ , قَالَهُ الْخَلِيل . وَقِيلَ : جَمْع خَصْم , قَالَهُ الزَّجَّاج , كَكَلْبٍ وَكِلَاب , وَصَعْب وَصِعَاب , وَضَخْم وَضِخَام . وَالْمَعْنَى أَشَدّ الْمُخَاصِمِينَ خُصُومَة , أَيْ هُوَ ذُو جِدَال , إِذَا كَلَّمَك وَرَاجَعَك رَأَيْت لِكَلَامِهِ طَلَاوَة وَبَاطِنه بَاطِل . وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْجِدَال لَا يَجُوز إِلَّا بِمَا ظَاهِره وَبَاطِنه سَوَاء . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَبْغَض الرِّجَال إِلَى اللَّه الْأَلَدّ الْخَصِم ) .


توقيع : فرح..
أبي .. ستبقى قصة يحكيها دعائي كل حين ..*


زهرة الشرق
zahrah.com

فرح.. غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس