نرسيس : لا تقربي الستار!..........
إيسمين : (ترجع وتقبل عليه ) صف لي حسنها !.....
نرسيس : أنا ؟!......
إيسمين : صدقت ... لست أنت الذي يطلب اليه ذلك ....اذكر لي على الاقل اسمها !...
نرسيس : جالاتيا!..........
إيسمين : (ناظرة الى الستار ) جالاتيا الجميلة !...
هكذا اذن مقامها دائما خلف الحجب!.....
نرسيس : لا ينبغي أن يقع على جسدها الناصع ذرة من غبار!........
إيسمين : (كالمخاطبة نفسها ) وهذا موكول اليك بالطبع......... ما ابرعك سادنا ، كأغلب سدنة المعابد!..
يُعنون بذرات ترابها ، ولا يرون قبسات روحها؟!.....
(تشرئب بعنقها لتنظر من فرجة بالستار)
نرسيس : ماذا تصنعين؟......
إيسمين : (دون ان تلتفت اليه ) ما هذا الشذا الطيب؟....... أهو عطر مما ينثر حوليها؟.... وما هذا البريق العجيب؟..أهو قرط من لؤلؤ يزين أذنيها؟...... وما هذا السرير المفروش ، ذو الطنافس الفاخرة والوسائد المصنوعة من ناعم الريش ، حتى لا يجرح عاج خديها!...... وهذه الثياب بالذهب موشاة ، وبألوان (فينيقيا) مصبوغة!.......
وهذه الهدايا الرائعة ، من عنبر ومرجان وأصداف لامعة !........
نرسيس : كيف علمت ان كل هذا لها؟........
إيسمين : ماأشد حمقك يا نرسيس الجميل!..... كل الناس في المدينة تتحدث بغرام بجماليون!.....
نرسيس ماذا يقولون؟......
إيسمين : يقولون انه مجنون!.....
نرسيس : مجنون؟!....
إيسمين : ربما كان لهم بعض العذر !.....ماذا ترى الناس يسمون رجلا يصنع بيديه من العاج امرأة، يقع في حيها ، ويناجيها ويدللها ويناغيها ويدعوها زوجته ، ويغمرها بكل ما تصبو اليه المرأة من ترف!......
نرسيس : (يلتفت الى الباب في قلق ) لا تشغليني بالحديث أكثر من ذلك!....
إيسمين : إنه ليسعدني ان اعلم ان حديثي يشغلك ...
ويكاد يسرك فيما ارى!....
نرسيس : اخشى ان يعود فيراك هنا!.....
إيسمين : لن يعود الآن !...
نرسيس : كيف عرفت هذا ايضا؟....
ايسمين : لقد ابصرته عند معبد فينوس ، امام المذبح ،يعد لها القرابين ... هذا الذي لم يحفل قط يوما بفينوس وعيدها .....لأمر ما يتقرب اليوم اليها.....
نرسيس : لامر ما؟.......
إيسمين : لعله ينوي ان يسالها شيئا ؟!....
نرسيس : إنه لم يسال قط الها غير ابولون !
إيسمين : وهل يغني ابولون عن فينوس ، مانحة الحب والحياة؟....
نرسيس : وهل تغني فينوس عن ابولون ، مانح الفن والفكر؟!...
إيسمين : لا تفكر بفينوس يا نرسيس ، وهي التي منحتك الجمال ، وجعلتك معشوق النساء....
نرسيس : اجل ، ولكن ابولون لا يريد ان يمنحني شيئا...
إيسمين : يا للعجب !... أنت وبجماليون طرفا نقيض .. عند احدكما ما ليس عند الآخر ..
لعل هذا ما يربط أحدكما بالاخر!.....