الأدب و الشعر الفلسطيني
في العادة، يتخذ النتاج الثقافي كدليل لا يقبل الشك على قياس التوجهات المرحلية للشعوب، على الأخص حين تمر فترة زمنية على هذا النتاج بحيث يعطى الفرصة ليبلور عصراً ما، سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً، وفي الثقافات العالمية الكثير من الأمثلة التي تقود إلى تدهور الأدب في حالة تدهور الوضع الاقتصادي أو أي من أوضاع المجتمع الأخرى، على أن عوامل التغيير الاجتماعية والسياسية كانت وما زالت هي العناصر الأهم من بين المؤثرات الواقعة على الثقافة.
والواقع الفلسطيني لا ينفصل في ذلك عن نظرائه الآخرين فقد لعب العاملين الاجتماعي والسياسي دورهما الكبير في توجه المثقفين وكتاباتهم وبالتالي فإن فلسطين " ككيان ثقافي اجتماعي " كانت لها سماتها التي تحددت بمراحل زمنية، وقد يشذ كاتب هنا وكاتب هناك عن القاعدة إلا أن ما يهمنا في هذه المراحل هو سماتها التاريخية الثقافية بغض النظر عن الأسماء التي أنتجت هذه الثقافة وغذتها.
ومسألة أخرى حكمت إلى حد بعيد توجه المثقف الفلسطيني مميزة إياه عن غيره هي الاحتلال سواء البريطاني حتى عام 48 أو الإسرائيلي حتى عهد قدوم السلطة الوطنية، وبالتالي فإن الشعب الذي يقع تحت الاحتلال ويقاومه بشكل يومي عبر آلاف الأساليب فمن الضروري أن تعكس ثقافته هذه الحالة، فجاء الأدب والشعر والرواية وحتى المقالة الصحفية لتصب في نهر النضال الفلسطيني الذي امتد عبر سنوات طويلة. ولكن هذه العوامل لم تكن الوحيدة التي أدت إلى تطور الأدب الفلسطيني والشعر على وجه الخصوص، فهناك طبيعة الشعر والفن في ذاتها التي تملك قابلية التطور الذاتي وبشكل عام لا يوجد قانون يحكم تطور الأدب في اتجاه معين إلا من خلال استخلاصات دلالية من مراحل إنتاج هذا الأدب. ويمكن أن نتحدث عن الأدب الفلسطيني تاريخياً بتصنيفه إلى مراحل زمنية بالدرجة الأولى حتى يتم تلافي إشكالية المدارس الأدبية وخلافه