عرض مشاركة واحدة
قديم 14-09-06, 03:22 AM   #2

الشافعي
خطوات واثقة

رقم العضوية : 3443
تاريخ التسجيل : Oct 2005
عدد المشاركات : 142
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ الشافعي

وأفرادٌ من المتصوّفة على مذهب الملاحدة من الحلولية الذين يعتقدون أن الله حل في كل مكان ، وأنه حل في المخلوقات ، وأن كل ما ترى بعينك فهو الله ، لا يميزون بين مخلوقٍ وخالق ، كان لهم انتشار في بلاد نجد وغيرها.

وكانت الموالد التي فيها الشرك تُقرأ على الناس ، وكانت الحُجب تكتب بالطلاسم وتعلق.

وكانت الكتب مثل دلائل الخيرات ، وروض الرياحين التي فيها استغاثة وتوسّل بغير الله مشهورة لها قرآءة في الموالد بين الناس .

وخلت كثير من المساجد من المصلين ، وانتشرت عبادة النجوم ، واعتقاد تأثيرها في الحوادث الأرضية.

تبركٌ بالأشجارٍ والأحجارِ والجمادات ، وأمرٌ عظيم قد ران الجزيرة في نجد وغيرها.
صور شركيات وأباطيل وضلالات التبس على الناس أمرهم فيها .. أنكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب واجتهد طويلاً لتطهير المجتمع منها .. وعادت صور منها للأسف إلى مجتمعنا اليوم .. فهل بعد هذا ننتظر نصر من الله ؟

نعم ..
لقد عاش الوالد المعلم الشيخ محمد بن عبدالوهاب يدعو طوال حياته إلى توحيد الربوبية والألوهية ، وحرص على الإنكار على كل بدعة ومظهر شركي ينقض هذا التوحيد ، فما ترك مظهراً مناقضاً لرسالته لتوحيد الله إلاّ وأنكره .
فإن كان قبراً ضريحاً يُزار ويُتبرّك بقبته هدمها وساواها بالأرض .
وإن كانت شجرة يُتبارك بها .. قطعها .
وإن سمع أحداً يستغيث بميت ويدعوه .. قال له : أدع الله .. أدع الله يا رجل .

من إحدى رسائل هذا المعلم شرحه لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب )
قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟!
قال: ( مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لأحدهما قرّب ، قال: ليس عندي شيء أقرّب ، قالوا له : قرّب ولو ذباباً، فقرب ذباباً، فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب، فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة ) رواه أحمد.

هذا هو الأب .. فمن هي فاطمة ابنته ؟
إنها فاطمة بنت الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان آل مشرّف ..
ولدت في بيت علم .. فكانت نعم التلميذة العالمة العاملة ..
" ولدت فاطمة في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، واتجهت إلى طلب العلم مقتدية بوالدها الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي غرس في أبنائه الحرص على التحصيل العلمي، فكان البيئة التي عاشت فيها أثرها الواضح في نشأتها ، واكتسبت حصيلة علمية جيدة نشرتها بين الناس..

فكانت تقوم بتدريس النساء والرجال، وإذا كان تدريسها للنساء متوقعاً ومعروفاً فإن تدريسها للرجال كذلك، نستدل عليه مما يروى أنها كانت تجلس لطلاب العلم وتجعل بينهم وبينها سترة أثناء التدريس.

فاطمة المهاجرة :
لقد هاجرت فاطمة بعد سقوط الدولة السعودية الأولى مثل بقية أفراد أسرتها من آل الشيخ – رحمه الله – فراراً بدينها :
" كانت فاطمة من بين هؤلاء حيث خرجت مع ابن أخيها علي ابن حسين .

ويبيّن عثمان بن عبدالله بن بشر أن علي بن حسين كان في منتصف صفر 1235هـ/ الأول من ديسمبر 1819م في رأس الخيمة، حين قدم إليها البريطانيون بحملتهم الثالثة على القواسم فهرب منها.

في حين يبيّن هاري سنت جون فيلبي H. St . John Philby أنه خرج من الدرعية إلى قطر ومنها توجه إلى عمان.
وأما عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ فيقول : إن علي بن حسين هرب إلى عمان وقطر وأقام فيها، ويظهر من كلام آل الشيخ أن علياً ذهب إلى عمان ثم قطر التي أقام فيها . وهو على عكس رأي فيلبي.

ويذكر حمد الجاسر : أن فاطمة انتقلت إلى عمان مع علي بن حسين بعد سقوط الدرعية.

وفي اعتقادنا أن علي بن حسين ومعه فاطمة توجها بعد خروجهما من الدرعية إلى رأس الخيمة نظراً للارتباط السياسي الذي كان قائماً بين الدرعية ورأس الخيمة، إذ كان القواسم من الناحية السياسية تابعين للدولة السعودية الأولى، وبعد هجوم البريطانيين عليهم (أي القواسم) خرج علي بن حسين ومعه فاطمة إلى عمان، ولذلك سميت فاطمة ب "صاحبة الهجرتين "، وفي اعتقادنا أيضاً أن هذه التسمية أطلقت عليها لخروجها إلى رأس الخيمة مقصداً لهجرتها الأولى، ثم إلى عمان مقصد هجرتها الأخرى.

وفي عمان عملت فاطمة على نشر العقيدة السلفية بين العمانيين طوال فترة إقامتها هناك، وعندما استقرت أحوال نجد بتأسيس الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله (1240- 1249 هـ/1834-1825م) عادت إلى الرياض مع ابن أخيها " اهـ.

يا لها من هجرة وفرار من أجل الدين .. وثبات على العقيدة .. ورسوخ في الإيمان .. وصدق في اليقين بالله ..

الغربة وآلامها والحنين إلى أرض الأجداد ومهد الطفولة .. ما منعت فاطمة بنت الشيخ محمد من طلب العلم .. بل والتفرغ للدعوة إلى توحيد الله في دار هجرتها ..

فكانت بفضل الله وتوفيقه أحد عوامل انتشار الدعوة السلفية في عمان بسعيها واجتهادها وإصرارها لنصرة ربها تبارك وتعالى .. مثل ما كان والدها – رحمه الله – منار إحياء عقيدة ونهج محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بإحسان من السلف الصالح في الجزيرة .

فاطمة العالمة العاملة :
" ومن الصفات التي اتصفت بها أنها كانت عفيفة شجاعة، يؤكد على ذلك ما روي من أن رجلاً دخل بيتها متخفياً بزي امرأة لرؤيتها فكان أن لقنته درساً قاسياً ".

ولقد انطبعت شخصية فاطمة بقوة شخصية والدها – رحمهما الله – و ثباتها على قول الحق والعمل به في موقف عقيدي رائع :
" ومما يروى من أخبارها أنها حين سارت إلى الحج مرّت بقبر على مقربة من قرية الزيمة ، فطلب سادن القبر من قائد راحلتها أن يقدم هدية لصاحب القبر بدعوى أنه ولي ، فانتهره، وقال : لا أقدم له إلا التراب.
فتكلمت وهي في الهودج قائلة : " ولا تقدّم حتى التراب " .
ثم استدلت بحديث : " ودخل النار رجل في ذباب ".

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
" والعجب أنهم في العراق يقولون ‏:‏ عندنا الحسين ، فيطوفون قبره ويسألونه ، وفي مصر كذلك، وفي سوريا كذلك، وهذا سفه في العقول ، وضلال في الدين. والعامة لا يُلامون في الواقع ، لكن الذي يُلام من عنده علم من العلماء ومن غير العلماء ‏" اهـ

" توفيت فاطمة – رحمها الله - في الرياض ، ودُفنت في مقبرة العود .
وقد شغلها العلم والتنقل من الالتفات إلى حياتها الخاصة ، فلم تتزوج ، رغم أنها كانت موصوفة بالجمال " اهـ

الله أكبر !
والد فقيه معلم .. وابنة تلميذة نجيبة .. عاشا وماتا في سبيل تحقيق هدف واحد :
نصرة رآية لا إله إلاّ الله ..
نعم ..
هذا هو أول وأهم درس تعلمته فاطمة من أبيها .. وعلمته لغيرها ..
علم نافع ورثته من والدها ، فحرصت على تبليغه .. كي تنصر به ربها .

قال الإمام محمد بن سعود مؤسس الدول السعودية الأولى للشيخ محمد بن عبدالوهاب عند أول لقاء بينهما :
" أبشر ببلاد خير من بلادك ( يقصد العيينة بعد خروجه منها والتجائه للدرعية ) وأبشر بالعزّة والمنعة " .

فقال الشيخ محمد بن عبالوهاب :
" وأنا أبشّرك بالعز والتمكين ، وهذه كلمة لا إله إلاّ الله من تمسّك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد ، فهي كلمة التوحيد ، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم " .

إمام الورى علامة العصر قدوتي ××× وشيخ الشيوخ الحبر فرد الفضائل
(محمد) ذو المجد الذي عز دركه ××× وجل مقاماً عن لحوقه المطـاول
إلى (عبد الوهّـاب) يعزى وإنه ××× سلالـة أنجـاب زكي الخصائـل
عليه من الرحمـن أعظـم رحمة ××× تبل قـراه بالضمى والأحائـل

يقول الحق تبارك وتعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }

إنه درس عظيم تعلمته التلميذة من والدها المعلّم .. أفلا يستحق نحن كذلك أن نعيش ونموت دونه ؟! .


الشافعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس