عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-02, 03:54 PM   #1

سلمى
عضوية متميزة

رقم العضوية : 5
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 256
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ سلمى
مفهوم الموت عند الاطفال


كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ

الموت حق، وهو شيء طبيعي، وليس لنا سيطرة على الموت ولا نعلم متى سنموت وكيف "وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غداً وما تدري نفسٌ بأي أرض تموت". كما ولا نستطيع الهروب منه أو الملاذ إلى شيء يحمينا منه "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة". ولكن الموت فاجعة وهو حدث حزين مؤلم.

في هذا المقال سوف نبحث الموت من وجهة نظر الطفل، وما هو الموت بالنسبة للطفل وما مدى تأثيره عليه، وما هو الفرق بين مفهوم الموت لدينا وبين مفهوم الموت لدى الطفل.

هناك ثلاث حالات من الموت يمكن أن تواجه الطفل، أي حالات يتعرض فيها الطفل إلى مفهوم الموت، وهي:

1. موضوع الموت بشكل عام، فقد يشغل الطفل موضوع الموت بشكل عام وإن لم يصبه أو يصب أحد أقربائه، وهنا تدور في رأسه أفكار وأسألة وتخبطات حول معنى الموت. إن انشغاله هذا ينبع من كونه يسمع أشياء كثيرة لها علاقة بالموت مثل الأحداث في الأخبار، الثأر، الحوادث، موت حيوان وغيره.


2. نظرة الطفل للموت كنتيجة التعرض له، وإن لم يكن بصورة مباشرة مثل: موت أب صديقه، موت أحد أبناء صفه، موت جاره، موت شخص معروف لدى والده وغيره.

في هذه الحالة وبالإضافة إلى تخبطاته وأسالته المتعلقة بظاهرة الموت تنشأ لديه انفعالات شديدة وبلبلة عنيفة كونه يعرف الميت ولا يعلم كيف يتعامل مع عدم وجوده.

3. نظرة الطفل للموت نتيجة لتعرضه لحالة موت بشكل مباشر في حالة فقدانه أحد أفراد عائلته (أب، أخ، أخت، أم..).

وفي هذه الحالة يتعرض الطفل لصدمة شديدة قد تؤدي إلى مشاكل نفسية مستقبلية إذا لم يكن هناك من يساعده في التعامل مع هذه الحالة.

وعلى الرغم من أن رد الفعل النفسي والعاطفي لدى الطفل هو كرد الفعل لدى الكبار، إلا أن الكبار يميلون إلى عدم الاكتراث بهذه النقطة ولا يحاولون مساعدة الطفل في التعامل والتعايش مع هذه الحالة. فالكبار لا يعترفون في غالب الأحيان بحاجات الطفل العاطفية، ولا يسمحون له بأن يحزن بطريقته الخاصة على من فقده من أقربائه.

إن هذا السلوك ليس فقط عند الآباء وإنما أيضاً عند أشخاص مهنيين مثل: معلمين، معلمات البستان، اخصائيين اجتماعيين.. والذين هم أصحاب مهن تساعد الطفل على التعامل مع حالات الموت.

عندما يطلب منهم تفسير سلوكهم يقولون: إنه طفل صغير، ومنهم من يقول: الأطفال الصغار لا يستطيعون أن يتعاملوا مع حالات صعبة كالموت، لهذا علينا منعه من الانشغال فيه، كي نبعد عنه الحزن، ولكي لا يصاب من الناحية النفسية، وآخرون يقولون إنه طفل صغير لا يفهم معنى معقداً مثل الموت.

ولكن يجب أن تعلم عزيزي القارئ أن الطفل هو تماماً مثلك وقد يعاني مثلك وقد لا يفهم مثلك وقد يفكر مثلك ولكن بعالمه الخاص، وعلينا التعامل معه ومع عالمه وأن نعطيه حقه من الانتباه والاستيعاب. يقول يانوش كويتشك أحد الحكماء "إن الولد ليس عالماً صغيراً وإنما عالم كامل ومتكامل، ليس إنساناً في مستقبل آتٍ وإنما إنسان منذ الآن في الحاضر".

كيف نساعد الطفل في حالات الموت؟

ينظر الطفل إلى الموت من زاويتين مختلفتين:

1. من الناحية العقلية: ما هو الموت؟ ما هي العلاقة بين الحياة والموت؟ هل يفقد الميت جميع حواسه وصفاته الحية؟ هل سيعود الميت يوماً ما؟ لماذا يتم دفن الميت؟ لماذا يموتون؟ ماذا يشعرون في داخل القبر؟

2. من الناحية النفسية: كيف يشعرون حينما يموت قريب؟ ماذا يشعرون حينما يبعثون الميت إلى المقبرة؟ من هو المذنب في الموت؟

على البالغين مساعدة الصغار في التعايش مع الموت في كلتا الحالتين، عليهم مساعدة الطفل على فهم الموت بصورة صحيحة وعليهم أن يساعدوه في التعبير عن إحساسه وعواطفه في حالة الموت بصورة طبيعية.

إن الناحية العقلية والنفسية متممة الواحدة للأخرى، فإذا سُمح للطفل بالتعبير عن إحساسه تجاه الموت والإجابة على تساؤلاته عن الموت وإشباع حب الاستطلاع لديه عن حالات الموت وشرح ماهية الموت بصورة تلائمه وخاصة في الحالات التي يكون فيها الطفل هادئاً ومحباً للمعرفة، مما يعطيه تحصيناً قد ينفعه إذا تعرض لحالة موت معينة. وهذا تماماً كما تعطى الجسم حقنة تطعيم ضد مرض معين. فأنت بشرحك لطفلك والسماح له بمعرفة ماهية الموت فكأنك تعطيه تطعيماً كي يستطيع التعامل مع مثل هذه الحالات، هذا والله ولي التوفيق.


بقلم: بديع عبد العزيز القشاعلة - اخصائي نفسي



مع تمنياتي لكم بالسعادة / سلمى


سلمى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس