عرض مشاركة واحدة
قديم 25-08-04, 08:38 PM   #6

لؤي(عاشق لبنان)
خطوات واثقة

رقم العضوية : 1730
تاريخ التسجيل : Jul 2004
عدد المشاركات : 140
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ لؤي(عاشق لبنان)
ثرثرة مع كانون


ويبقى أبو عمار الرقم الصعب !!




باعتراف الأعداء قبل الأصدقاء ، يعتبر الرئيس ياسر عرفات من أبرز محترفي السياسة ، ليس في الساحة الفلسطينية فحسب ، بل على مستوى المنطقة ، والساحة الدولية بشكل عام ، وحتى ألد خصومه في الطرف الآخر من معادلة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يعترفون بقدرته الهائلة على الخروج من المأزق والأزمات ، بل ويحسدونه على هذا الصبر والصمود في مواجهة كل الأعاصير السياسية ، والمؤامرات الداخلية والخارجية ، والحصار الممتد كالإعصار من بيروت إلى رام الله ، وكما قال أحد المحللين السياسيين الإسرائيليين " نتمنى أن يساعدنا نظامنا السياسي ، والقضية التي نتصدى لها في صراعنا مع الفلسطينيين ، أن تتكرر ظاهرة ياسر عرفات على الساحة الإسرائيلية ".

فعلى مدار ما يقارب الأربعة عقود ، استطاع أبو عمار ، أن يجعل من نفسه الرقم الصعب ، في معادلة القضية الفلسطينية ، الذي لا يمكن تجاوزه ، والإبقاء على تلك التركيبة السياسية المعقدة لتلك المعادلة ، سواء في مرحلة النضال العسكري ، وغابة ديمقراطية البنادق ، كما يسميها هو ، أو في مرحلة النضال السياسي الذي قاده في العودة إلى أرض الوطن ، وإقامة أول سلطة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين ، رغم المآخذ والمعوقات ، ورغم الموازين العسكرية ، والظروف السياسية الدولية ، الكل يعترف له بذلك ، الفلسطينيون , والإسرائيليون ، الذين يتفهمون ذلك ، ولو كان ذلك على مضض ، فاستراتيجية أبو عمار ، في إدارة اللعبة السياسية ، رغم صعوبتها ، ومطباتها ، وحواجزها ، على كافة المستويات ، بسيطة ، ومعقدة ، في نفس الوقت ، ففلسطينياً جعل من قيادته للثورة ، وللسلطة ، مرجعية تتمتع بالمشروعية الفائقة ، حيث لا يمكن تجاوزه ، ولا تجاوز مشروعيته دون ما تكلفة عالية ، لا يستطيع أحد أن يقدم عليها ،وأن يضمن نتائجها ، وإسرائيليا وإقليمياً دولياً ، لم يتمكن أي طرف ، مهما كان تصميمه وعزيمته ، وحيلته ، من إقامة سلام ، أو فرض تسوية ، وفشلت جميع الأطراف المحلية والخارجية في المضي بأية خطوة للتسوية ، وأن تصل إلى نتيجتها المرجوة ، دون موافقة أبو عمار الصريحة .

في الوضع الداخلي، الذي تأزم مؤخراً، بفعل الممارسات القمعية الإسرائيلية اساسا، لم يمنع عرفات من أن يمارس النقد الذاتي، وهذا ما شاهدناه وسمعناه على لسانه أمام المجلس التشريعي، عندما أعلن أن هناك فاسدون، حتى من أقرب المقربين له، وأن هذا الفساد يجب أن يقف، وأن هؤلاء المفسدون يجب أن يعاقبوا .

عرفات الذي لم يتجرأ أحد ، فلسطينياً ، أن يوجه له بصورة مباشرة الاتهام ، لم يمنعه ذلك أن يستجيب " تكتيكياً " لضغوط فلسطينية وإقليمية ودولية ، تطالب بإصلاح هيكلية السلطة ، فكان إنشاء مؤسسة رئاسة الحكومة ، ثم هيكلة أجهزة الأمن ، ثم هذه الشفافية المالية ، وأخيراً هذا الخطاب الذي تطرق إلى الأسباب ، وهي في معظمها إسرائيلية ، وشخص المرض ، ووصف العلاج والدواء ، واستطاع أن يحظى خطاب الرئيس بثقة المجلس التشريعي ، رغم العديد من الانتقادات ، التي تعبر أيضاً عن ديمقراطية وشفافية ، انتقلت من ديمقراطية البنادق ، إلى ديمقراطية ممثلي الشعب، في نقل مباشر على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد .

في مقر المقاطعة ، حيث يدير الرئيس عرفات السلطة الوطنية بكل منهجية ، حيث لا يزال رغم الحصار ، يمتلك كل أروق اللعب الحقيقية ، فجميع الاجتماعات للقيادة الفلسطينية ، بمؤسساتها الرسمية وتنظيماتها الشعبية ، تتم داخل المقاطعة ، وهذه الملفات عن يمينه ويساره وتكاد تحجبه عن الحاضرين وكاميرات المصورين ، تؤكد على قدرته الهائلة في الإدارة ، وترمز إلى مدى سلطته واتساعها ، رغم ما يلقى ذلك من بعض المعارضة ، لكن ذلك في علم السياسة " الكلاسيكية " ظاهرة تشير إلى تملك الرجل أوراق اللعبة السياسية ، هذا بالإضافة إلى هذا الكم الهائل من زيارات المسؤولين من كافة أنحاء العالم , الذين لاينقطعون عن التشاور مع عرفات , رغم الضغوطات والمقاطعات الإسرائيلية لكل وزير أو مسؤول أجنبي يقوم بزيارة المقاطعة , فياسر عرفات السلطة لديه ليست غاية ، بقدر ما هي وسيلة لتكريس التراث السياسي في مسيرة القضية الفلسطينية ، وعرفات يريد أن يدخل التاريخ كأول زعيم فلسطيني أقام دولة فلسطينية على ارض فلسطين ، وهو وإن كان يقيمها الآن على جزء من أرض فلسطين التاريخية ، فهو في الوقت نفسه ، يريد أن يعطي الإشارة من خلال صموده ورفضه ، أنه لا يفرط بأي شبر من فلسطين ، لأنه يريد للتاريخ أن يتذكره كمناضل ، وليترك للأجيال بعده تحقيق الحلم بالتحرير والعودة .

ورهان ياسر عرفات على الوقت ، طالما أنه يستطيع أن يحتفظ بأوراق اللعبة في يده ، ويجعل الآخرين يتلهون باللعب دون أوراق لعب حقيقية في يدهم ، والإسرائيليون فهموا شخصية أبو عمار بكل حقائقها وتعقيداتها ، محاولين استغلالها إلى ابعد مدى ، سواء سلبا او ايجابا , دون التمكن من لي ذراعه ، ولا كسر إرادته ، ولا حتى الإساءة الى رمزيته عند شعبه ، أما الفلسطينيون من جانبهم ، فهم يعرفون قوة الردع الصارمة لدى زعيمهم ، ويعرفون مدى القوة التي تمتلكها هذه الشخصية ، وعدم المواجهة المكشوفة معها .

ويكاد يجمع المراقبون والمحللون السياسيون ، على أن القضية الفلسطينية ، التي تمر في هذه الفترة بأسوأ ظروف منذ نكبة 1948 ، ستبقى القضية الأهم في ساحة الأحداث ، على الرغم من المحاولات الأميركية والإسرائيلية ، بتنحيتها جانباً على أقل تقدير ، أو إلغائها حسب حلمهم الذي لم ولن يتحقق أبداً ، بفضل حنكة وحكمة أبو عمار ، الذي ظل طوال العقود الأربعة الماضية حافظاً ومحافظاً على عهده لفلسطين ، ومن المؤكد أن عرفات الذي عبر بالقضية جسر الخطر طوال رحلته النضالية الطويلة والعصيبة ، سيعبر هذه ا لأزمة بسلام .. وسيبقى أبو عمار الرقم الصعب .. ويا جبل ما يهزك ريح!!



توقيع : لؤي(عاشق لبنان)
لـــــــو ضاع اسمي بين الجبال
دفنـــت حثتي في الرمال
فهذا خطي حتي الان
لا يزال فتذكروني
اخوكم

أبو نسرين

التعديل الأخير تم بواسطة لؤي(عاشق لبنان) ; 02-10-04 الساعة 12:49 PM
لؤي(عاشق لبنان) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس