منتديات زهرة الشرق

منتديات زهرة الشرق (http://www.zahrah.com/vb/index.php)
-   زهرة المدائن (http://www.zahrah.com/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   العقل العربي .......................(إعادة الموضوع بعد الخلل) (http://www.zahrah.com/vb/showthread.php?t=7840)

المهندس 22-05-03 03:00 AM

العقل العربي .......................(إعادة الموضوع بعد الخلل)
 
في وسط هذه الأجواء النفسية المشحونة بالحزن والحيرة والتساؤل عن مصير العرب والمسلمين بشكل عام, تتأكد اكثر ما تتأكد ضرورة إذكاء شعلة الإيمان الواعي والتوكل المستنير بنور العلم والعقل, بحثا عن رؤية يمكن أن يكون فيها قبس من ضياء أو شعاع من أمل على طريق الخروج من الأزمات التي تحيط بالواقع العربي إحاطة السوار بالمعصم.
والحقيقة أن انطلاق الإنسان من ملامح المنهجية التي تستوعب أبعاد الرؤية الشاملة الثقافية والتاريخية والسياسية وغيرها, هو وحده الذي سيمكنه من فهم وقائع الأحداث ليضعها في إطارها الصحيح أولا, ثم ليمتلك بعد ذلك القدرة على التعامل معها بشكل أقرب ما يكون إلى الصواب.
وبعيداَ عن الدخول في تفاصيل ودهاليز التحليلات السياسية والعسكرية ... فإن هناك مسالة ربما آن الأوان للتفكير بها وإدراكها, وتتمثل في التأكد على ضرورة النظر إلى كل شأن حساس من شؤون العرب من خلال بعدين, الأول قصير المدى ومباشر, والثاني إستراتيجي بعيد المدى, فعلى المدى القصير المباشر يعلم الكثيرون أن حول كل حدث طرفاَ فاعلاَ وطرفاَ منفعلاَ وطرفا ثالثا متفرجا, وان الطرف الفاعل هو الذي يمسك - إلى درجة كبيرة - بدفة الحدث, سواء كان هذا على صعيد الأهداف أو القرارات أو المعلومات, وأما الطرفان الآخران فإنهما بكثير من الأوراق الأساسية والضرورية للتعامل مع الحدث.
والأمر الذي ربما يجب الاعتراف به بصراحة في الواقع الراهن هو أن العرب بمختلف شرائحهم وعلى جميع المستويات يدرجون في إطار الطرفين الآخرين, أي طرف منفعل ليس في وارد امتلاك المبادرة لأسباب عديدة, ويمثله النظام السياسي العربي, وطرف متفرج يفتقد المقومات العملية وربما الثقافية لامتلاك زمام تلك المبادرة, ويتمثل في الشعوب...أي أننا- في أحسن الأحوال - في موقع رد الفعل, إن لم يكن بعضنا في موقف المتفرج المحايد تماماَ.
والمشكلة في الأحداث الراهنة بالذات أن لدى كل من هذين الطرفين أولويات ومصالح وارتباطات إن لم تكن متضاربة, فإنها على الأقل تتباين إلى حد كبير.
من هنا كان ممكناَ تفسير المفارقة الكبيرة في (المواقف) العملية التي كانت مختلف الشرائح تدّعي انه كان من الواجب اتخاذها, بغض النظر عن التقارب الظاهري الذي يبدو أحياناَ بين تلك الأطراف من خلال المواقف الإعلامية الاستهلاكية المعلنة.
لئن كانت التحليلات التي تحاول تفسير الموقف الرسمي مهمة, إلا أن الاهتمام في هذا المقام ينصب على ملابسات الموقف الشعبي, من منطلق الإيمان بأن الكمون الموجود في هذا الموقف يمثل الورقة الحقيقة في أي تصحيح مستقبلي للأوضاع الراهنة, سيما وأن هناك شبه إجماع على محدودية الدور الرسمي مهما بدت المفارقة أليمة في هذا التحليل, وذلك من منطلق إدراك مجمل الأسباب والدوافع الذاتية قبل الخارجية منها, والتي تفرض عليه مثل تلك الحدود.
والملاحظة التي ينبغي الوقوف عندها تتمثل في أن الموقف الشعبي الداعي إلى الاستنفار والمقاومة خاصة في عالمنا العربي يبلغ اوجه دائما كلما اشتدت الأعراض الخارجية للمرض, وظهرت على الجسد العربي ملامح الألم والتعب والانهيار, ولتعود فتخبو بعد حين مع اندمال بعض الجروح الخارجية, في انتظار نتوء وانفجار جرح آخر في وقت آخر وفي موضع آخر... غافلة عن أسباب المرض وجذوره الحقيقة, ولاهية عن النزيف الداخلي الخطير الذي لا يظهر دائما للعيان.
رغم ذلك, فإن الأمر الذي يجب إيضاحه هو أن هذا الاستنفار الذي يصيب الجسد العربي في مثل هذه الأحداث مشروع وطبيعي بحكم عاملين: الأول هو استحالة التجاهل التام للواقع الراهن ومتطلباته بدعوى التفرغ للتخطيط الطويل الأجل, والثاني هو طبيعة توزيع الاهتمامات الذي خلقه الله في الناس أجمعين, ومنهم أبناء هذه الأمة التي يوجد وسيوجد فيهم دائما أولئك الذين يهتمون بالقضايا ذات الإلحاح المباشر, جنباَ إلى جنب مع أولئك الذين يهتمون بالبناء الثقافي والعلمي والفكري الذي تظهر أثاره ونتائجه على المدى البعيد. ولكن الخطير في النشاطات الملية المباشرة قصيرة المدى أنها غالباَ ما تأتي في شكل ردود أفعال, وتأتي استجابة لضغوط عاطفية وليس استجابة لرؤية عقلانية متكاملة, والأمر الذي يجعلها دائما تدور في حلقات مفرغة ولا تؤدي في أغلب الأحيان إلى أي نتيجة عملية إيجابية.
من هنا تأتي أهمية استحضار البعد الإستراتيجي طويل المدى في التعامل مع مثل هذه الأزمات. والنقطة الأولى المهمة في هذا البعد تتمثل في تأكيده على الانطلاق ابتداء من عقلية وموقع الفعل, وليس من عقلية وموقع ردود الأفعال. والفعل الذي يملك الإنسان العربي الانطلاق منه الآن يتمثل في الإصرار على أن إعادة تركيب العقل العربي ثقافيا وفكرياَ, هي الخطوة الأولى والأساسية في الطريق الطويل باتجاه الشفاء الجذري الكامل لذلك المريض/الأمة. إن موقع الفعل المؤثر حقيقةَ يتمثل في تهيئة البرامج والناهج والأطر التي تساهم في عملية إعادة التركيب تلك, وفي توفير الأجواء المعنوية والمادية التي تمكن من أيجاد ورسم تلك البرامج والمناهج والأطر, حتى إذا ما تمت تلك المهمة ووجد ذلك الإنسان العربي المعافى في رؤيته الثقافية, السليم في تكوينه الفكري وبنيانه المعرفي, القوي في بنائه العلمي, المتوازن في إعداده العقلي والواثق في انتمائه الحضاري, صار من تحصيل الحاصل أن يتمكن من التعامل بأقصى درجات الفعالية مع الأزمات السياسية والعسكرية الملتهبة والطارئة, بل وصار في إمكانية حصول مثل تلك الأزمات ابتداءَ من أرض الواقع.
صحيح أن طرح مثل هذه الرؤية على أنها موقع ومجال الفعل العملي في مواجهة الأحداث الملتهبة يمكن أن يكون غريباَ في نظر الكثيرين من أبناء الأمة .. وصحيح أن البعض يمكن أن يرى فيها مثالية وبعداَ عما يظنه واقعية يجب الركون إليها في هذا العصر, إلا أن مثل هذا التقويم لا يغير في حقيقة الأمر شيئاَ, لأنه في حد ذاته علامة من علامات الأزمة المنهجية التي تحيق بالعقل العربي في المرحلة الراهنة. ولهذا السبب بالذات نرى طبيعياَ أن يتمكن القليل من إدراك صوابية هذه الرؤية على المستوى العملي المباشر بينما تتصدى الغالبية لمهمة تسكين المريض/ الأمة السالفة الذكر.
إن تشكيل القناعة بهذه الرؤية يحتاج إلى أقدار مقدرة من التجرد العاطفي, وإلى نسبة عالية من التحصيل الثقافي والفكري العميق الذي يمكن الإنسان من رؤية العلاقة الوثيقة بين عالم الأفكار والواقع, كما أنه يحتاج إلى درجة كبيرة من الصبر المنهجي في وجه الضغط العاطفي والحشد النفسي الذي يصاحب هذه الأزمات والذي غالباَ ما تصاحبه مشاعر القهر والألم والهوان والخذلان, والرغبة في الحصول على الحلول سحرية سريعة حاسمة بأي شكل من الأشكال.
من هنا كانت هذه الدعوة لتعود المنهجية في التفكير والتحليل واتخاذ المواقف, كي تكون السبيل والطريق إلى امتلاك موقف متوازن للإنسان العربي , ليعمل على توزيع طاقاته بعدل وفعالية, بين استجابته لضغوط الواقع الراهن بعيداَ عن الانعزال في أبراج التنظير العاجية العالية, وبين اتخاذه للموقف الاستراتيجي الفاعل بعيداَ عن الرؤية الأحادية القصيرة المدى والغارقة كلياَ في لجة الواقع الأليم.

وآسف على الاطالة


ولكم تحياتي

حياة 22-05-03 03:40 AM

إن تشكيل القناعة بهذه الرؤية يحتاج إلى أقدار مقدرة من التجرد العاطفي, وإلى نسبة عالية من التحصيل الثقافي والفكري العميق الذي يمكن الإنسان من رؤية العلاقة الوثيقة بين عالم الأفكار والواقع, كما أنه يحتاج إلى درجة كبيرة من الصبر المنهجي في وجه الضغط العاطفي والحشد النفسي الذي يصاحب هذه الأزمات والذي غالباَ ما تصاحبه مشاعر القهر والألم والهوان والخذلان, والرغبة في الحصول على الحلول سحرية سريعة حاسمة بأي شكل من الأشكال.
من هنا كانت هذه الدعوة لتعود المنهجية في التفكير والتحليل واتخاذ المواقف, كي تكون السبيل والطريق إلى امتلاك موقف متوازن للإنسان العربي , ليعمل على توزيع طاقاته بعدل وفعالية, بين استجابته لضغوط الواقع الراهن بعيداَ عن الانعزال في أبراج التنظير العاجية العالية, وبين اتخاذه للموقف الاستراتيجي الفاعل بعيداَ عن الرؤية الأحادية القصيرة المدى والغارقة كلياَ في لجة الواقع الأليم.


مقال منطقي وجميل
ونتمنى تغير الحال في امتنا من كل النواحي

تحياتي

المهاجر 22-05-03 08:13 PM

أتقدم لك أخي الكريم بشكري وتقديري على هذه المقالة الرائعة



بارك الله فيك ورزقك الخير


تقبل احترامي وتقديري

أبو الطيب 23-05-03 01:30 PM

تحياتي أخي المهندس


كلام واقعي وصحيح 100%


بارك الله فيك أخي الكريم

المهندس 25-05-03 02:05 AM

شكرا لكم على مروركم الكريم
واتمنى تغيير الاحوال انشالله للافضل
ولكم تحياتي

المهندس 18-01-09 03:07 AM

رد: العقل العربي .......................(إعادة الموضوع بعد الخلل)
 
ولم يتغير الحال الى الآن


الساعة الآن 01:12 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.