منتديات زهرة الشرق - لماذا يغمى على البعض عند سحب الدم؟

[align=center]

http://www.moq3.com/img/up112007/6p733588.jpg

عبدالسلام مصطفى الشويات* - يلاحظ عند بعض المرضى انه إذا ما جلس لسحب الدم في المختبر فإنه وبمجرّد بدء عملية السحب يغمى عليه مما قد ينتج عنه ضرر بليغ إذا لم يكن المتخصص في سحب الدم على دراية كافية بحيث يستطيع الحيلولة دون حدوث أي مكروه، ويستطيع معالجة الحادثة إذا وقعت.
تعرف هذه الحالة بنوبة فرط تنبيه العصب المبهم أو العصب العاشر، وهذا الإغماء هو انعكاس عصبي لا إرادي يسبب تباطؤ القلب مما يؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية الناتج عن إشارة عصبية للأعصاب الموجودة في هذه الأوعية، وبالنتيجة فإن القلب سيضخ كمية أقل من الدم إلى الجسم ويهبط ضغط الدم الشرياني ويتجه التدفق الدموي إلى الساقين على حساب تدفقه نحو الرأس والدماغ، وكنتيجة لحرمان الدماغ من الدم والأكسجين فإنه تحدث نوبة الغيبوبة التي تسمى Vaso-Vagal attack وهذه النوبة ترد في النصوص الطبية بعدة مسميات كلها تتمحور حول نفس المفهوم، وفي اللغة العربية تعرف بفرط تنبيه العصب المبهم أو العاشر.
وبسبب ما قد يحدث من ضرر عند السقوط الناتج عن الإغماء وما يحتوي الموقف من عناصر خطيرة كالإبرة وغيرها فإنه لا بدّ من اتخاذ كافة الإجراءات التي تحول دون وقوع أي مكروه للمريض.
ومن أهم الإجراءات الوقائية أن يكون المريض المراد سحب الدم له جالسا على كرسي خاص لسحب الدم، هذا الكرسي مصمم بحيث يقلل من احتمالية السقوط، ومصمم بحيث يمتص أي سقوط قد يحصل، وذلك من خلال الإسفنج المضغوط والمغطى بالجلد المرن على كل أجزائه، ومن خلال مرونة حركة أجزاء الكرسي وقابليتها للرفع والخفض والميل، فكما أشرنا فإن تدفق الدم يزيد في الساقين على حساب تدفقه إلى الدماغ وعليه فإن رفع الساقين في مستوى أعلى من مستوى الدماغ يساعد في إسعاف المصاب على نحو كبير، من هنا يكون الجزء حامل الساقين في هذا النوع من الكراسي الطبية قابلا للارتفاع، ويكون الجزء حامل الرأس قابلا للخفض.
وإذا ما وقع الإغماء فإن من المهم أن يكون المريض في مكان تهويته مناسبة ومن المفيد الحديث معه على نحو مستمرّ.
ولعل تشتيت انتباه المريض المراد سحب الدم له عن عملية السحب ومجرياتها وعناصر مشاهدها من أبر وروائح معقمات، منذ دخوله إلى غرفة السحب وحتى انتهاء العملية، وإعطائه الشعور بالراحة والطمأنينة والثقة، كل هذه العوامل تساعد في التخفيف من وطأة الإغماء وشدّته إن لم تحول دونه.
وللتربية في مراحل الطفولة دور كبير، إذ لا يجوز أن يتحدّث الأهل مع أطفالهم عن الطبيب والعلاج على أنه شيء مخيف وأنه شيء للعقاب على الأخطاء بل هو خدمة للشفاء من المرض ومقاتلة الجراثيم ومحاربة الألم، ولا يجوز أن نعلّم أطفالنا إلا على الحقيقة، فالإبرة تحدث ألما سيشعر به الطفل عند سحب الدم له أو عند أي إجراء طبي مماثل، مما يفقده الثقة بما قاله له الأهل عن الإبرة بأنها ليست مؤلمة، وسيظل يشعر مدى الحياة بأنه قد يتعرض للخداع وأن هناك شيئا مجهولا بانتظاره، وعليه فإنه من الأفضل دائما نقل الحقيقة إلى أذهان أبنائنا فالإبرة تسبب ألما بسيطا وتساعد على استدلال طريق الشفاء، والطبيب يكرّس حياته لكي يشخص أمراضنا ويعالجها، والمستشفى مكان للعلاج وليس لمعاقبة المشاغبين، والعلاقة بين الطبيب والمريض مباشرة ولا تمرّ عبر الأهل، كل هذا يساعد على أن لا تحتل مسائل الإجراءات الطبية أكثر مما هي جديرة به في عقل الطفل، فتبقى الأمور بحجمها ولا تتضخم، وتبقى بسيطة كما هي ولا تتعقد، فخبرات الطفولة تنقش في ذاكرتنا وترافقنا مدى الحياة، وفي أحيان كثيرة تتدخل في تكوين شخصيتنا، وأفكارنا في طفولتنا هي التي تخبرنا عن أهمية هذا الشيء أو عدم أهميته، وعن خطورته أو عدم خطورته، وسحب الدم من العمليات البسيطة التي يقوم بها أشخاص مؤهلون ومدرّبون مما يدعو إلى الثقة بهم وتسليمهم الشأن ليقوموا بدورهم في شفائنا. [/align]