منتديات زهرة الشرق

منتديات زهرة الشرق (http://www.zahrah.com/vb/index.php)
-   أوراق ثقافية (http://www.zahrah.com/vb/forumdisplay.php?f=46)
-   -   البكاء بين يدي زرقاء اليمامة /أمل دنقل (http://www.zahrah.com/vb/showthread.php?t=5313)

ابويافا 22-01-03 06:01 PM

البكاء بين يدي زرقاء اليمامة /أمل دنقل
 
.. تحية /



بدون أي مقدمات .. الشاعر المصري أمل دنقل لا يحتاج منا لاي فلسفة لنطرح له أعماله ...

-----------


البكاء بين يدي زرقاء اليمامة
-------
أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعقَ من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. ولا الجدران !
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان !
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان !)
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةُ الطروب : ضحكته..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلً دمي
وهو ظمئً .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء !

فدك 24-01-03 02:32 PM

أخي أبو يافا
اختيار جميل شكرا لك..

ولكنني تساءلت كثيرا عن كلمة مقدسه!!!
(أيتها العَّرافة المقدسة .. )
وتلك النبيه..
ترى ما المفهوم من كل ذاك التبجيل!!!!
فدك

ابويافا 24-01-03 05:37 PM

.. تحية /






أختي فدك ... لا اعرف ماذا اراد الشاعر بالزرقاء نفسها حين صاغ القصيدة ..
ولكن لكل قارئ طريقته في قراءة النص ...

بالنسبة لي ...

زرقاء اليمامة ما هي الا فلسطين ....
وهي حالة من اسقاطات تاريخية للحالة التي كان يعانيها الشاعر حين اطلق قصيدته ...

وحالة زرقاء اليمامة بالنص ... هكذا تناولتها ...
حين جاء الجندي لها وهو منهك القوى .. تعب كله معاناة نفسية ... والاكيد .. لا يلجا أحد لأحد أضعف منه .. فالحالة للزرقاء بالطبيعي .. أنها أقوى .. وهي فلسطين على مر التاريخ ..

في الحلة الوسطى ...
حين احتاجت لهم الزرقاء .. للدفاع .. ناموا ..
وكانت النهاية ... بانها وحيدة عمياء ...
ثم اين هو .. هي يريد ان يختفي من امامها .. ومن امام الكل ( الرجال والنساء ) ولتبقى هي تعاني ..

بصراحة هي حالة فلسطينية ...
وانتِ لكِ قراءتك الخاصة ....



كل منا يقرأ الشعر بطريقته الخاصة ...

no_one_rose 27-01-03 06:05 PM

شكرا لك ابو يافا القصيده

والتوضيح الذي تلاها

والى الامام

ويعطيك ربنا العافيه

حياة 28-01-03 01:25 AM

جميل مااخترت ابو يافا

والله يعطيك العافيه


مشكور اخي الكريم

أحزان ليل 17-02-03 07:19 AM

تشبثوا بآمالكم، فإن أمل دنقل قد مات. ومن لديه أمل فليعض عليه بالنواجذ. هاهي آمال الشعر العربي تغادر.. وتتسرب من بين أيدينا واحداً بعد الآخر.
هل أمل دنقل آخرها / أول الذين /

( لا وقت للبكاء
فالعلم الذي تنكسينه.. على سرادق العزال
منكس في الشاطئ الآخر.. والأبناء يستشهدون كي يقيمون.. على تبة
العلم المنسوج من حلاوة النصر ومن مرارة النكبة خيطاً من الحب..
وخيطين من الدماء )

قال ذلك عند وفاة عبدالناصر / كأنه يقولها لنا الآن، فهو لم ينس الحياة حتى وهو بين فكي الموت.
عندما مات انهالت مئات المقالات بسرعة البرق للحديث عن شاعر مات. حتى نكاد نشعر بأن بعض هذه المقالات فرحة لأنه مات.

لماذا الآن يصير الشاعر جديراً. ويسمعه الناس ؟
ها نحن ندخل في واحدة من محن الشاعر العربي الجديد. أمل دنقل لم يعرفه طوال تجربته الشعرية ربع عدد الذين يعرفون / يعرفونه الآن.. بعد /
نحن أمة تقدس الموتى. موتاها خاصة. بل أننا أمة تقتل مبدعيها لتقدسهم. إن الفرق / المفارقة بين إهمال الشاعر ومحاصرته إلى درجة الحرب أثناء حياته، وبين الاهتمام والاحتفاء إلى درجة التقديس بعد موته، مسألة مثيرة وجديرة باكتشاف النفسية العربية تجاه المبدعين الأحياء / الأموات.
أمل دنقل، جاء. صرخ في العالم المستكين، لم يعبأ بصوته أحد. ما همه أحد. كتب أجمل الأشعار ومات.

(أمثل ساعة الضحى بين يدي كافور ليطمئن قلبه
فما يزال طيره المأسور لا يترك السجن ولا يطير
أبصر تلك الشفة المثقوبة
ووجهة المسود، والرجولة المسلوبة.
.. أبكي على العروبة)



من مقال في مجلة الدوحة



تحياتي

هيام1 28-10-09 07:42 PM

رد: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة /أمل دنقل
 
[align=center]ابداع نشهده بهذا المتصفح
جهد يذكر فيشكر[/align]

dimahassoon 30-10-09 02:00 AM

رد: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة /أمل دنقل
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


الساعة الآن 03:25 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.